- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (008)سورة الأنفال
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أراد أن يحدث ربه فليدعه ومن أراد أن يحدثه ربه فليقرأ القرآن :
أيها الإخوة الكرام . . . مع الدرس السادس من دروس سورة الأنفال ، ومع الآية الخامسة عشرة وهي قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) ﴾
أول شيء إذا قال الله تعالى :
قال : إذا أردت أن تحدث ربك فادعه ، وإذا أردت أن يحدثك ربك فاقرأ القرآن ، أنت حينما تقرأ قوله تعالى :
مخاطبة عامة الناس بأصول الدين ومخاطبة المؤمنين بفروع الدين :
الحقيقة الثانية أن الله خاطب عامة الناس بأصول الدين ، وخاطب المؤمنين بفروع الدين ، قال :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
العبادة أصل كبير من أصول الدين ، أما حينما خاطب المؤمنين فقد قال :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)﴾
إذاً أول حقيقة ما دمت مؤمناً حقاً تشعر أنك معني بهذا الخطاب ، وأن هذا الخطاب لك ، وأن هذا الخطاب يقتضي أن تقف موقفاً ، إن كان أمراً ينبغي أن تأتمر ، إن كان نهياً ينبغي أن تنتهي ، إن كان آية كونية ينبغي أن تتفكر ، إن كان قصة لأقوام سابقين ينبغي أن تتعظ ، إن كان مشهداً من مشاهد أهل الجنة ينبغي أن تسعى إليها ، وإن كان مشهداً من مشاهد أهل النار ينبغي أن تتقي النار ولو بشق تمرة .
تدبر آيات القرآن الكريم :
صدق أيها الأخ ما لم يكن لك موقف من أية آية ففي الإيمان خلل .
تصور مدير مؤسسة ، قائد جيش ، رئيس جامعة ، مدير مستشفى ، يوجه خطاباً إلى الأطباء ، أي معقول الطبيب لا يعبأ إطلاقاً بهذا الخطاب ، وهو يعنيه ، ومكلف بالخطاب أن يفعل شيئاً ؟
لذلك : امتحن إيمانك من هذا المقياس ، هل تشعر إذا قرأت القرآن وتلوت قوله تعالى :
وهل تشعر أنه لا بدّ من أن تأخذ موقفاً فيما سيأتي بعد
التفسير شيء آخر ، فهم القرآن شيء وتدبره شيء آخر ، الله عز وجل قال :
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)﴾
التدبر أن تقف موقفاً من أية آية تقرؤها ، لأنك مؤمن والله سبحانه وتعالى يخاطب المؤمنين ،
أركان النجاة :
الآن هل تصدق أن من أركان النجاة التي وردت في القرآن الكريم :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ
ما سيأتي بعد إلا أركان النجاة :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾﴾
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف :
لكن أيها الأخ الكريم الدعوة إلى الله كفرض عين على كل مسلم في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، في حدود ما تعلم ، سمعت درس علم ، حضرت خطبة تأثرت بها ، قرأت حديثاً أعجبت به ، قرأت تفسير آية تأثرت من هذا التفسير ، هذا الذي تأثرت به ينبغي أن تنقله إلى من حولك ، إلى زوجتك ، إلى أخيك ، إلى ابنك ، إلى صهرك ، إلى جارك ، إلى صديقك ، إلى شريكك ، الدعوة إلى الله كفرض عين في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف .
أما الدعوة إلى الله كفرض كفاية فتحتاج إلى تفرغ ، وإلى تبحر ، وإلى تعمق ، وإلى قدرة أن ترد على كل الشبهات ، هذه اختصاص ، إنسان متفرغ كلياً ، دخل جامعات ، جاهد نفسه وهواه ، وصل لدرجة من العلم بحيث يستطيع أن يرد على كل شبهة ، هذا موضوع ثانٍ .
طبعاً الآية المتعلقة بفرض الكفاية قال تعالى :
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾
﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
فإن لم تكن داعياً إلى الله أنت لست متبعاً لرسول الله ، وإن لم تكن متبعاً لرسول الله أنت لا تحب الله ، الدليل :
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
هذا أول شيء .
إذاً ،
حقيقة الإيمان ما إن تستقر في قلب المسلم حتى تعبر عن ذاتها بحركة نحو الآخرين :
أيها الإخوة ، علامة إيمانك – الآن دقق - ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلبك إلا وتعبر عن ذاتها بحركة نحو الآخرين .
أما ليس لي علاقة ، الناس لهم ربهم يحاسبهم ، لا تهتم بنشر الحق ، لا تهتم بمن حولك ، رأيتهم على ضياع وضلال ، ولم تعبأ بهم إطلاقاً ، لذلك هذا الموقف يغضب الله عز وجل والدليل :
(( عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا عل أهلها، قال : إن فيها عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين ، قال : اقلبها عليه وعليهم ، فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط .
قال الهيثمي في المجمع ، ))
هذه الحالة موجودة ، إنسان هداه الله إلى الدين ، مستقيم ، بيته إسلامي ، دخله حلال ، لا يوجد عنده مشكلة ، يقول لك : الناس هلكى ، مرتاح ، ألا تحاول أن تنقل هذا الدين لأخيك ؟ لأختك ؟ لصهرك ؟ لجارك ؟ لعمك ؟ لخالتك ؟ لمن حولك ؟ لشريكك ؟ لجيرانك ؟ ألا يوجد عندك رغبة إطلاقاً في أن تنقل شيئاً من الدين للآخرين ؟ ألا يوجد عندك رغبة إطلاقاً أن تدعو إنساناً لحضور درس ؟ صدق ولا أبالغ هذا الذي لا يعنيه أمر الناس إطلاقاً ، ولا يعبأ بانحرافهم ، وشرودهم عن الله بالمنظور الإسلامي يستحق الهلاك .
(( قال : اقلبها عليه وعليهم ، فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط . ))
علامة إيمانك أن تنقل الخير إلى الآخرين :
أقول لكم مرة ثانية : الدعوة إلى الله فرض عين بدليلين ، أول دليل الآية :
فإن لم تدعُ على بصيرة أي بالدليل ، والتعليل ، والحديث الصحيح ، فأنت لا تتبع رسول الله ، والذي لا يتبع رسول الله قولاً واحداً لا يحب الله لقوله تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾
إذاً فكر ، لك ابن خالة ، ابن عم ، جار ، صديق ، له ثقة فيك ، واثق منك ، أعطه شريطاً ، أعطه موضوعاً ، اقتنيت كتاباً قل له : اقرأه ، حضرت درساً تأثرت فيه ، قل له : تعال احضر معي ، يجب أن تفكر بالآخرين ، ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن حتى تعبر عن ذاتها بحركة نحو الآخرين ، مؤمن سكوني ، مؤمن عنده إعجاب سلبي بالدين ، مؤمن يعظم الدين وما خطر في باله ولا لثانية أن ينقل هذا الحق للآخرين ، يوجد بإيمانه خلل كبير .
لذلك الله عز وجل عدّ من علامة الإيمان أن تنقل هذا الخير إلى الآخرين ، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾
بالمناسبة : هناك باطل وهناك حق ، الحق له دوائر ، والباطل له دوائر ، إن أنت لم تدعُ إلى الله أنا أقول في حدود ما تعلم ، سمعت درساً فقط ، تأثرت فيه ، لهذا الدرس شريط اقتنِ شريطاً وأعطه لمن تتوسم فيه الخير ، درس علم تأثرت به كثيراً ، ادعُ من تثق به ومن يثق بك لحضور هذا الدرس .
أحسن الناس قولاً من دعا إلى الله وعمل صالحاً :
بالمناسبة : ما معنى قوله تعالى ؟
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) ﴾
أي أنت هل تستطيع أن تقول لشخص في الطريق لا تعرفه اذهب معي إلى الجامع ؟ مستحيل ! ولا يرد عليك أساساً ، لا يعرف من أنت ، يخاف ، أما أخوك واثق منك ، صهرك واثق بك ، ابن عمك واثق بك ، ابن خالتك واثق بك ، فأنت استغل علاقة القربى ، فيها ثقة ، ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾
والله أخ من أخواننا حضر دروساً لفترة طويلة ، الآن يوجد عشرة من أقربائه بالجامع ، بحكمة بالغة ، وأدب جم ، أعطاهم شريطاً ، وتكلم لهم عن بعض الكلمات ، لهم ثقة به فأتوا إلى المسجد ، وأصبحوا ملتزمين .
إذاً مرة ثانية : ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن إلا وتعبر عن ذاتها بحركة نحو الآخرين ، حركة عطاء ، أي المؤمن وعاء فإذا امتلأ يجب أن يفيض على من حوله ، إذا امتلأ الوعاء لابدّ من أن يفيض على من حوله ، وصدق ولا أبالغ الآية الكريمة التي نقرؤها ولا نقف عندها كثيراً :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾
أي لا يوجد على وجه الأرض إنسان أفضل : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الدعوة إلى الله تتذبذب بين أن تكون أقدس عمل وبين أن تكون أتفه عمل :
ولكن لابدّ من التحفظ ، الدعوة إلى الله تتذبذب بين أن تكون أقدس عمل على الإطلاق يرقى إلى صنعة الأنبياء ، وبين أن تكون أتفه عمل على الإطلاق لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة ، حينما تبذل من أجلها الغالي والرخيص تكون أثمن عمل ، فإذا انتفعت بها ، وتاجرت بها ، وارتزقت بها ، تغدو عملاً تافهاً لا قيمة له إطلاقاً .
لذلك الإمام الشافعي قال : " لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين"
هذا الدين اجعله في السماء ، اجعله بعيداً عن وحول الأرض ، اجعله بعيداً عن المصالح ، اجعله بعيداً عن أن تنتمي إلى جهة أرضية ، أنت فوق الجهات ، فوق الانتماءات ، فوق التحزبات ، فوق الخلافات : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
لذلك الآية :
أما الزحف لماذا شبه الله الذين كفروا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً﴾
أي الكفار أجمعوا على محاربة المؤمنين لحكمة بالغةٍ بالغة الله عز وجل أراد ، وإرادته حكمة مطلقة أن يجتمع المؤمنون وغيرهم على وجه الأرض في كل مكان وزمان ، من اجتماعهم تنشأ معركة أزلية أبدية هي معركة الحق والباطل ، معركة أزلية أبدية هي معركة الحق والباطل .
معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية :
لذلك وطن نفسك ، هناك معركة لابدّ منها ، الله عز وجل قال :
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)﴾
في أي مكان تعيش به ، في بلاد الشرق ، في بلاد الغرب ، هناك معركة أزلية أبدية بين الحق والباطل ، أنت إذا دعوت إلى الله ، وأنت إذا لبيت دعوة الله بالجهاد في سبيل الله ، جهاد النفس والهوى ، أو جهاد الدعوة ، أو جهاد البناء ، أو جهاد القتال ، توسع دوائر الحق ، فإذا وسعت دوائر الحق ضيقت دوائر الباطل ، وإذا أهملت الدعوة ازداد الباطل ، وعمّ الباطل ، وعندئذٍ ضيق على الحق .
القضية خطيرة أيها الإخوة ، إن قلت : أنا ليس لي علاقة ، دوائر الباطل تنمو ، والطرف الآخر يكيد ، ويخطط ، أي لابدّ من أن تقف بوجه الطرف الآخر ، الطرف الآخر لا يدخر وسعاً في إحباط كل مسعى إسلامي ، هذه معركة شئت أم أبيت ، أعجبك أو لم يعجبك ، رضيت أو لم ترضَ ، هناك معركة أبدية أزلية بين الحق والباطل ، فطوبى لمن كان في خندق أهل الحق ، والويل لمن كان في خندق أهل الباطل .
السعي لإحباط كل عمل يهدف إلى إضعاف الأمة الإسلامية :
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾
بالدول الإسلامية المحتلة المقاومة تركت أثراً كبيراً جداً ، أنا في خطبة الجمعة قبل أسبوع أو أسبوعين بينت أن تقرير CIAيؤكد أن بقاء إسرائيل لا يزيد عن عشرين سنة قادمة ، يوجد سبب ؛ لأن عصا إسرائيل كُسرت ، كسرت مرتين ، مرة في ألفين وستة ، ومرة في ألفين و ثمانية ، لم تعد عصا غليظة ، إذاً هناك تطور ، حينما ترفض الاحتلال ، ترفض الاستعمار الاستيطاني ، ترفض أن تخضع لمشيئة أعداء الله ، طبعاً الأمر يتغير ، يتحول ، نحن نعلم أحياناً أنه يوجد حكماء صهيون بروتوكولات ، لم ينفذ كل شيء ، بوجود الإرادة التي تقاوم هذه الخطط الجهنمية قد لا تحقق هذه الخطط .
كل إنسان يستطيع أن يسهم في قوة أمته وفي بنائها :
أنا أقول لكم :
هناك ولاية واحدة في أمريكا خمسة آلاف طبيب سوري معهم بورد ، آثروا أن يبقوا هناك ، وأن يخدموا الطرف الآخر ، أنت حينما تعود إلى بلدك أنت مجاهد .
أنا أقول : كل واحد منا مهما تكن هويته ، مهما يكن اختصاصه ، مهما يكن عمله ، مهما يكن سنه ، بإمكانه أن يسهم في قوة هذه الأمة ، وفي بناء هذه الأمة ، وفي صمود هذه الأمة ، وفي إفشال خطط أعداء الأمة .
طالب من الهند اخترع الهوت ميل ، وهو مسلم ، بعد عام عرض عليه بيل غيتس الاختراع بخمسين مليون دولار ، طلب خمسمئة مليون ، واشتراه منه بأربعمئة مليون ، وحل مشكلة منطقته الإسلامية بالهند بثلاثمئة مليون ، وأبقى لنفسه مئة مليون ، هذا واحد .
أنا أدعو الشباب لا تكن رقماً سهلاً ، مليارات من البشر جاؤوا ، وكبروا ، وتزوجوا ، وخلفوا أولاداً ، وماتوا ولم يعلم بهم أحد ، رقم سهل ، واحد من مليارات ، لكن سيدنا صلاح الدين الأيوبي تقرأ قصته فترتوي ، وقف أمام سبعة وعشرين جيشاً ، وسيدنا ابن الوليد خاض مئة معركة أو زهاءها ، ومع ذلك حقق نصراً كبيراً جداً ، من قال لك : إن العظماء جاؤوا سابقاً ولا يوجد عظماء بعدهم ؟ أبداً ، أساساً البطولة والتفوق موجود بكل بلد ، وبكل الأمم والشعوب بنسب واحدة أبداً .
الشباب عماد الأمة ومستقبلها :
أنا أتمنى هذه الهمة ، لمَ لا تكن إنساناً عظيماً ؟ أكلت ، وشربت ، ونمت ، يوجد غير هذا ؟ نأكل ، نشرب ، ونقول ما المواضيع التي تطرقت لها قناة الجزيرة ، لا يوجد عندنا غيرها ، ونحلل التحليلات ، شيء صحيح وشيء غير صحيح ، وننام ، وإلى متى ؟ حتى يتفاجأ بأزمة قلبية إلى القبر ، هذا واقع المسلمين .
خطط ، إن لم تخطط يُخطط لك ، إن لم تكن رقماً صعباً كنت رقماً سهلاً عند أعدائك ، أليس كذلك ؟ أنا أرى الشباب أمامي ، الشباب عماد الأمة ، الشباب مستقبل الأمة ، الشباب قادة الأمة ، تفوق بالدراسة ، هذا العصر عصر علم الآن ، والحرب كانت بين ساعدين ، فأصبحت بين آلتين ، الآن الحرب بين عقلين ، يقول لك : طائرة بلا طيار ، تقصف بأدق الأهداف ، هذا اختراع عقل بشري ، طائرة بلا طيار إصابتها مئة بالمئة دقيقة وبدون طيار ، هذه مشكلة ، الآن حرب بين عقلين .
أيها الإخوة ، كما أنهم يزحفون ، ينبغي أن نزحف لهم ، وإن شاء الله الوعي بدأ يتنامى.
التولي من الزحف من الكبائر :
الآن :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ
أي المؤمن القوي بإيمانه يساوي عشرة مقاتلين ممن غفل عن الله ، قال :
﴿ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ
أي التولي من الزحف من الثلاثة ليس تولياً مع ضعف الإيمان ، لو توليت من ثلاثة ليست متولياً ، لو توليت من اثنين فأنت متولٍّ من الزحف ، وهو من الكبائر ، التولي من الزحف من الكبائر ، وقد قال الله عز وجل :
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)﴾
على المسلم أن ينشر الحق من أجل الاستقرار والحياة الآمنة :
أيها الإخوة ، يوجد شيء ثالث : أنت مسلم ، مؤمن ، لا تكذب ، لا تسرق ، لا تزني ، لا تقتل ، أنت حينما تعمم الهدى ، من أجل ألا يسرق مالك ، وألا تنهب ثروتك ، وألا يذل أولادك.
نشر الحق من أجل الاستقرار ، والحياة الآمنة ، لو أن الأقوياء تولوا كيف ترون ما يجري في العالم ؟ قوة كبيرة من دون إيمان ، تصور أن شعوباً تُقتل بأكملها ، تُدمر ، قُتل من سكان أمريكا الأصليين ثلاثمئة مليون قتلاً ، كذلك في أستراليا ، كذلك في جنوب إفريقيا ، فالطرف الآخر لا يرحم أبداً ، دينه القتل والإبادة ، مليون قتيل بالعراق ، مليون معاق ، خمسة ملايين مشرد ، ولا أحد ينطق بكلمة .
أثناء حرب غزة ثماني دول أوربية جاءت إلى شرم الشيخ ، التصريح الوحيد من أجل أن نمنع تهريب السلاح إلى المقاومة ، ومن أجل ثلاثمئة ألف طفل وامرأة قتلوا بـ "16 f " ، والأباتشي ، لا يوجد أي تعليق ، والآن يزورون أسرة الأسير الوحيد ، و11800 أسير ، ألسنا بشراً ؟ 11800 لم يخطر لمن يزور بلادنا أن يخصهم بزيارة واحدة ؟
اختر أسرة لا على التعيين ، بشكل عشوائي ، اعمل أسرة بأسرة ، أما هم يزارون ، قال تعالى :
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ
إذا ضعف الحق قوي الباطل وإذا قوي الباطل ضيق على الحق :
أيها الإخوة ، الآية الكريمة :
أيهما أهون أن يموت الإنسان في سبيل الله فيستحق الجنة إلى أبد الآبدين أم أن يتولى من الزحف فيستحق النار إلى أبد الآبدين ؟ ﴿ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
الإنسان لا يملك إلا الإرادة لكن الله يعينه ويمده بالقوة إن كان صادقاً :
قال تعالى :
إنسان يعجب من هذه الآية :
من ارتقى إيمانه ازداد تواضعاً و شعوراً بفضل الله عليه :
أخواننا الكرام ، الإنسان أحياناً يفتن بالأسباب ، يقول لك : عملت خطة دقيقة جداً ونفذت كل شيء ، يفتن بالأسباب ، ينبغي أن يعلم علم اليقين أن الفعّال هو الله ، وأن فعلك من توفيق الله ، لذلك كلما ارتقى إيمانك يزداد تواضعك ، وكلما ارتقى إيمانك يزداد شعورك بفضل الله عليك .
كل شيء وقع أراده الله وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾
هذا المكر يعيننا الله على أن نحبطه ، فإذا أحبطناه ازددنا قوة ، وإيماناً ، وثقة بالله عز وجل ، يجب أن تؤمنوا أن كل شيء وقع أراده الله ، وأن كل شيء أراده الله وقع ، وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق .
والله الذي لا إله إلا هو لا يقع شيء على وجه الأرض مهما كان مؤلماً إلا وسوف نكتشف بعد حين الإيجابيات التي امتن الله بها علينا ، حتى الحادي عشر من أيلول بعد حين إذا أمدّ الله بأعمارنا جميعاً ترون بركات الحادي عشر من أيلول كيف ساهمت بصحوة إسلامية ، كيف الدين كان في دائرة التعتيم أصبح في بؤرة الاهتمام ، كيف الدين كان ورقة خاسرة بيد الأقوياء أصبح ورقة رابحة ، كيف الدين عمّ في الأرض كلها ،فلذلك السلبيات هناك من يفكر في إيجابياتها ، ﴿ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾
أيها الإخوة الكرام ، في درس قادم إن شاء الله نتابع شرح هذه السورة .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين